فصل: ما يقوله الميت إذا حُمل للمقبرة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.حكم الصلاة على بعض الميت:

إذا مات مسلم، ولم يوجد منه إلا بعضه أو جزء منه، فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن، وإن صلي على الميت ثم وُجِد جزء منه فإنه لا يصلى عليه، ولكن يغسل ويدفن في المقبرة.
إذا قُطع عضو من الإنسان الحي فإنه لا يصلى عليه.

.حكم الصلاة على الغائب:

من مات في بلد ليس فيها من يصلي عليه صلاة الجنازة، ودُفن ولم يصل عليه فالسنة أن يصلي عليه طائفة من المسلمين صلاة الغائب بإمام وجماعة، ومثله الغريق والمحترق.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي اليَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى المُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ. متفق عليه.
كل ما سوى ذلك فلا تشرع الصلاة عليه، فقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم متفرقون في البلدان، ولم يثبت عن أحد منهم أنه صلى عليه صلاة الغائب.
وتوفي أصحابه صلى الله عليه وسلم في البلدان، ولم يصل عليهم هو صلاة الغائب.
وتوفي الخلفاء الراشدون، والأئمة المهديون، ولم يُذكر عن أحد من الصحابة الغُيَّب الصلاة عليهم صلاة الغائب.
كل ما تركه الرسول- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه رضي الله عنهم من العبادات مع وجود المقتضي للفعل، وزوال المانع، فإنه واجب الترك، وفعله بدعة.
صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي؛ لأنه إمام مسلم لم يصل عليه، ومجازاة له على ما فعله بالصحابة رضي الله عنهم حين حماهم واستقبلهم ونصرهم.

.حكم الصلاة على الشهيد:

الشهداء الذين قتلوا أو ماتوا في المعركة في سبيل الله الإمام مخيّر فيهم، إن شاء صلى عليهم، وإن شاء ترك، والصلاة أفضل، ويدفنون في مصارعهم.
وما سواهم من الشهداء كالغريق، والحريق ونحوهم، فهؤلاء شهداء في ثواب الآخرة، لكن يغسلون، ويكفنون، ويصلى عليهم كغيرهم.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذاً لِلْقُرْآنِ». فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ يَوْمَ القِيَامَةِ». وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ. أخرجه البخاري.
وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ الهَادِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَعْرَاب جَاءَ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَآمَنَ بهِ وَاتَّبَعَهُ ثمَّ قَالَ: أُهَاجِرُ مَعَكَ فَأَوْصَى بهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْضَ أَصْحَابهِ فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ غَنِمَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم سَبْياً فَقَسَمَ وَقَسَمَ لَهُ فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذا؟ قَالُوا: قِسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذهُ فَجَاءَ بهِ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا هَذا؟ قَالَ: «قَسَمْتُهُ لَكَ» قَالَ: مَا عَلَى هَذا اتَّبَعْتُكَ وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَاهُنَا، وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ بسَهْمٍ فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الجَنَّةَ فَقَالَ: «إِنْ تَصْدُقِ اللهَ يَصْدُقْكَ» فَلَبثوا قَلِيلاً ثمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ العَدُوِّ فَأُتِيَ بهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُحْمَلُ قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْث أَشَارَ، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَهُوَ هُوَ؟» قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «صَدَقَ اللهَ فَصَدَقَهُ» ثمَّ كَفَّنَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي جُبَّةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ثمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ فَكَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ صَلاَتِهِ، «اللهمَّ هَذا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِراً فِي سَبيلِكَ فَقُتِلَ شَهِيداً أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذلِكَ». أخرجه النسائي.
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ عَلَى قَتْلَى أحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ، كَالمُوَدِّعِ للأحْيَاءِ وَالأمْوَاتِ، ثُمَّ طَلَعَ المِنْبَرَ فَقال: «إِنِّي بَيْنَ أيْدِيكُمْ فَرَطٌ وَأنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الحَوْضُ، وَإِنِّي لأنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هَذَا، وَإِنِّي لَسْتُ أخْشَى عَلَيْكُمْ أنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنِّي أخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أنْ تَنَافَسُوهَا». قال: فَكَانَتْ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ. متفق عليه.
من جُرح في المعركة ثم عاش حياة مستقرة، ثم مات، فإنه يغسل ويصلى عليه، وإن كان يعتبر شهيداً، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على سعد بن معاذ رضي الله عنه بعد موته من جرحه في الأحزاب.

.حكم الصلاة على الطفل:

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: دُعِيَ رَسُولُ إِلَى جَنَازَةِ صَبِيٍّ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ الله! طُوبَى لِهَذَا عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الجَنَّةِ! لَمْ يَعْمَلِ السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ قَالَ: «أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ، يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلاً خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلاَبِ آبَائِهِمْ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلاً خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلاَبِ آبَائِهِمْ». أخرجه مسلم.

.حكم الصلاة على السقط:

السقط له ثلاث حالات:
إذا سقط الحمل من بطن أمه حياً ثم مات فإنه يغسل ويصلى عليه.
إن سقط ميتاً وقد تم له أربعة أشهر، ونفخت فيه الروح، فهذا يغسل ويصلى عليه.
عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الجَنَازَةِ وَالمَاشِي يَمْشِي خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا قَرِيباً مِنْهَا، وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بالمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ». أخرجه أبو داود والترمذي.
إذا سقط الحمل قبل أربعة أشهر، فهذا لم تنفخ فيه الروح، فليس بميت، فلا يصلى عليه، وإنما يلف في خرقة ويدفن.

.مصير الأطفال يوم القيامة:

من مات من الأطفال ولم يبلغ الحنث فهو في الجنة.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «مَا مِنَ النَّاسِ مُسْلِمٌ، يَمُوتُ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ، إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ، بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ». أخرجه البخاري.
وَعَن البَرَاء رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَم، قَالَ رَسُولُ: «إِنَّ لَهُ مُرْضِعاً فِي الجَنَّةِ». أخرجه البخاري.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ البَهِيمَةِ تُنْتَجُ البَهِيمَةَ، هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ». متفق عليه.

.حكم الصلاة على المجهول:

إذا مات إنسان، ولم يُعلم أنه مسلم أو كافر، فإن كان في دار الإسلام غُسِّل وصُلي عليه، وإن كان في دار الكفر لم يغسل ولم يصل عليه.
إذا اختلط مسلمون بكفار، ومات الجميع ولم يميَّزوا، فيصلَّى عليهم جميعاً بنية المسلمين منهم.

.حكم الصلاة على أهل البدع والكبائر:

السنة أن يصلي المسلمون على كل مسلم، ولو كان من أهل الكبائر، أو من أهل البدع ما لم يكفر ببدعته.
وإن ترك أئمة الدين وأهل العلم والفضل صلاة الجنازة على أحدهم زجراً لأمثالهم فهو حسن.
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ. أخرجه مسلم.

.حكم الصلاة على الكفار والمنافقين:

الكافر إذا مات لا يغسل ولا يكفن، ولا تجوز الصلاة عليه، ولا الاستغفار له، ولا الترحم عليه، ولا دفنه في مقابر المسلمين؛ لأنه مات على الكفر الموجب للخلود في النار.
قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [113]} [التوبة:113].
يشرع لأقارب الميت الكافر وأهله أن يواروه بالتراب إذا لم يوجد من يواريه.
يصلي المسلمون على كل ميت منهم، ومن علم بنفاق أحد فلا يصلي عليه.
قال الله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ [84]} [التوبة:84].

.حكم الصلاة على القبور:

يجب على المسلم إذا أراد الصلاة فريضة أو تطوعاً أن يتوجه إلى القبلة، ويحرم على المسلم أن يصلي إلى القبر، أو بين القبور.
عَنْ أبِي مَرْثَدٍ الغَنَوِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «لا تَجْلِسُوا عَلَى القُبُورِ وَلا تُصَلُّوا إِلَيْهَا». أخرجه مسلم.

.ما يقوله الميت إذا حُمل للمقبرة:

عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّرَسُولَ الله قَالَ: «إِذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ، وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا، أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا، يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ». أخرجه البخاري.

.ما يُعرض على الإنسان إذا مات:

عَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّرَسُولَ الله قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ، عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ». متفق عليه.

.7- دفن الميت:

.ما يفعله من يتبع الجنازة:

يستحب لمن تبع الجنازة ألا يجلس حتى توضع على الأرض.
ولو تقدم الجنازة فله أن يجلس قبل أن تنتهي إليه.
أما حال الدفن، وبعد الدفن، فالسنة القيام للدعاء للميت والتعزية، وله أن يجلس إن شاء حتى يُدفن الميت.
عَنْ عُثمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ المَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ بالتَّثبيتِ فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ». أخرجه أبو داود.

.حكم حفر القبر:

حفر القبر من فروض الكفايات، وأولى الناس بذلك أقاربه، ويجوز لغيرهم فعل ذلك بأجرة أو بغير أجرة.

.حكم دفن الميت:

دفن الميت فرض كفاية، فتجب مواراة الآدمي مسلماً كان أو كافراً، لكن المسلم يُدفن حسب السنة، والكافر يوارى بالتراب في حفرة.
عَنْ أبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ نَبِيَّ أمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلاً مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، فَقُذِفُوا فِي طَوِيٍّ مِنْ أطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ. متفق عليه.
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، قَالَ: «اذهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ ثمَّ لاَ تُحْدِثنَّ شَيْئاً حَتَّى تَأْتِيَنِي» فَذهَبْتُ فَوَارَيْتُهُ وَجِئْتُهُ فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ وَدَعَا لِي. أخرجه أبو داود.

.مكان دفن الأموات:

السنة أن يدفن الميت المسلم في مقابر المسلمين في كل بلد، ويستثنى من ذلك الأنبياء فيدفنون حيث قبضوا، والشهداء يدفنون في مصارعهم.
عَنْ جَابرِ بْنِ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا حَمَلْنَا القَتْلَى يَوْمَ أُحُدٍ لِنَدْفِنَهُمْ فَجَاءَ مُنَادِي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّرَسُولَ الله يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَدْفِنُوا القَتْلَى فِي مَضَاجِعِهِمْ فَرَدَدْنَاهُمْ. أخرجه أبو داود.
لا يجوز أن يُدفن مسلم مع كافر، بل يدفن المسلم في مقابر المسلمين، ويدفن الكافر في مقابر المشركين.
يجب على أهل البلد أن يختاروا مكاناً في ناحية بلدهم ليدفنوا فيه موتاهم، وإن لم يمكن الحصول عليه إلا بثمن فيشترى، ويستحب شراؤه ووقفه على موتى المسلمين.

.مكان دفن الشهداء:

الشهداء ثلاثة أقسام:
شهيد الدنيا والآخرة: وهو المقتول في المعركة في سبيل الله مخلصاً، فهذا له أحكام الشهيد في الدنيا وفي ثواب الآخرة، ويدفن في مصرعه.
شهيد الدنيا فقط: وهو المقتول في المعركة مرائياً ونحوه، فهذا له حكم الشهيد في الدنيا، وليس له ثواب الشهداء في الآخرة.
شهيد الآخرة: وهو من أثبت له الشارع حكم الشهادة، ولم تجر عليه أحكامها في الدنيا كالغريق والمبطون ونحوهما، فهذا حكمه حكم بقية الموتى.

.أوقات دفن الأموات:

السنة أن يدفن الأموات نهاراً-وهو الأفضل-؛ لأن الناس في النهار أنشط، وأكثر حضوراً للصلاة، والحضور والتشييع والدفن في النهار أسهل وأيسر.
يجوز الدفن ليلاً إذا كان لا يفوت بالدفن شيء من حقوق الميت والصلاة عليه، أو عند الضرورة كخوف تغيره بسبب الحر، أو كثرة الأموات، أو عند خوف ونحو ذلك، ويجوز استعمال المصباح للإضاءة عند الدفن.
عَنْ جَابِر بن عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَوْماً، فَذَكَرَ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلاً، فَزَجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلا أنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَفَّنَ أحَدُكُمْ أخَاهُ فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ». أخرجه مسلم.

.الأوقات التي لا يدفن فيها الأموات:

الأوقات التي لا يدفن فيها الأموات إلا عند الضرورة ثلاثة:
عند طلوع الشمس، وعند استوائها، وعند غروبها.
عَنْ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الجُهَنِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ يَنْهَانَا أنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ. أخرجه مسلم.

.صفة القبر:

السنة توسيع القبر، وتحسينه، وتعميقه، ويكون العمق بحيث يواري الميت، ويحجب رائحته، ويمنع السباع منه كمقدار نصف قامة الإنسان.
عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقُلْنَا يَا رَسُولَ الله: الحَفْرُ عَلَيْنَا لِكُلِّ إِنْسَانٍ شَدِيدٌ. فَقَالَ رَسُولُ: «احْفِرُوا وَأَعْمِقُوا وَأَحْسِنُوا وَادْفِنُوا الاِثنَيْنِ وَالثلاَثةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ». قَالُوا: فَمَنْ نُقَدِّمُ يَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَدِّمُوا أَكْثرَهُمْ قُرْآناً». أخرجه أبو داود والنسائي.
يسن أن يحفر في أسفل القبر من جهة القبلة اللحد، وهو الشق بقدر الميت، ويجوز حفر الضريح في وسط القبر من أسفل بقدر الميت، يوضع فيه الميت، ثم يُسقف باللبن، واللحد أفضل؛ لأنه الذي اختاره الله لرسوله صلى الله عليه وسلم.
عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ سَعْدَ بْنَ أبِي وَقَّاصٍ قال فِي مَرَضِهِ الَّذِي هَلَكَ فِيهِ: الحَدُوا لِي لَحْداً، وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْباً، كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ. أخرجه مسلم.
يجوز دفن الميت في اللحد والشق، واللحد أفضل على وجه العموم، فإن كانت الأرض رخوة تنهار فالشق أفضل، وإن كانت صلبة لا تنهار فاللحد أفضل.

.الأحق بإنزال الميت في القبر:

يتولى إنزال الميت في قبره ودفنه الرجال دون النساء، وأولياء الميت أحق بإنزاله من غيرهم.
الأحق بإنزال الرجل الميت في قبره أولياؤه وأهله وذوو رحمه، ويُدخل المرأة قبرها محارمها أبوها، أو ابنها، أو أخوها، أو زوجها، أو غيرهم من المحارم.
قال الله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [75]} [الأنفال:75].
يُقدَّم الرجل الغريب على المحرم والزوج في الدفن إذا كان المحرم والزوج قد جامع أهله تلك الليلة.
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: شَهِدْنَا بِنْتَ رَسُولِ، وَرَسُولُ جَالِسٌ عَلَى القَبْرِ، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ، فَقَالَ: «هَلْ فِيكُمْ مِنْ أَحَدٍ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ». فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَنَا، قَالَ: «فَانْزِلْ فِي قَبْرِهَا». فَنَزَلَ فِي قَبْرِهَا فَقَبَرَهَا. أخرجه البخاري.

.عدد من ينزل في القبر:

ينزل في القبر لدفن الميت بحسب الحاجة والمصلحة، وليس لذلك حد من شفع أو وتر.

.صفة دفن الميت:

السنة إدخال الميت من جهة رجلي القبر، ويُسلُّ من عند رأسه، وهذا هو الأفضل.
عَنْ أَبي إِسْحَاقَ قَالَ: أَوْصَى الحَارِث أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عَبْدُالله بْنُ يَزِيدَ فَصَلَّى عَلَيْهِ ثمَّ أَدْخَلَهُ القَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيِ القَبْرِ وَقَالَ: هَذا مِنَ السُّنَّةِ. أخرجه أبو داود.
ويجوز إدخال الميت إلى قبره من أي جهة من جهة القبلة معترضاً، أو من جهة رأس القبر.
ثم يوضع الميت في قبره في اللحد على جنبه الأيمن، ووجه إلى القبلة، ورأسه إلى يمين القبر، ورجلاه إلى يسار القبر، ويسن أن يقول عند وضعه في القبر: «بسْمِ الله وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ». أخرجه أحمد وأبو داود.
ثم يُنصب اللبن عليه نصباً، ثم يُشرَّك بينها بالطين، ثم يُدفن بالتراب، ويُرفع القبر عن الأرض، والسنة أن يُرفع قدر شبر مسنماً؛ ليتميز القبر، ويصان ولا يهان.
عَنْ أَبي بَكْرِ ابْن عَيَّاشٍ عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُسَنَّماً. أخرجه البخاري.
والسنة أن يُعْلِم القبر بحجر ونحوه؛ ليعرفه أهله، ويدفن إليه من مات من أهله.
عَنِ المُطَّلِب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عُثمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أُخْرِجَ بجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ فَأَمَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً أَنْ يَأْتِيَهُ بحَجَرٍ فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، قَالَ كَثِيرٌ: قَالَ المُطَّلِبُ: قَالَ الَّذِي يُخْبرُنِي ذلِكَ عَنْ رَسُولِ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا ثمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ، وَقَالَ: أَتَعَلَّمُ بهَا قَبْرَ أَخِي وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي. أخرجه أبو داود.
ثم يقف على القبر، ويستغفر للميت، ويسأل الله له التثبيت، ويطلب من الحاضرين فعل ذلك.
عَنْ عُثمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ المَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ بالتَّثبيتِ فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ». أخرجه أبو داود.